مشاهير
عبير نعمة فنّانة لبنانيّة بمقاييس عالميّة
ريتا خالد
3-April-2024
إنّها عبير نعمة الفنّانة المُتميّزة، الطفلة ببراءتها وإبتسامتها، المرأة الثائرة، الجريئة بمواقفها، الصارخة بأنوثتها. "بصراحة" "شو بحب" صوتها وأدائها. "بلا ما نحس" تأخذنا إلى "ذاك الخيال" فهي صوت "سجّان" يأسرك بجماله وقوته. "قصتنا" معها "حكاية" عشق مُتبادل. فهي تحترم جمهورها وتحرص على تقديم الأفضل فتسهر دائماً على إصدار أغاني تفوق توقّعاتهم. لا تخاف التنوّع ولا تخشى الغوص في بحر الموسيقى الواسع، فبالنسبة لها، تستطيع الغوص من خلال هذا البحر إلى أعماق الإنسان.
بعد إصدار أغنيتها "سجّان" كان لنا هذا اللقاء مع صاحبة الصوت الرائع ومع نجمة لا تُشبه أخرى.
حقّقت أغنية "سجّان" نجاحاً لافتاً، وهي الأغنية الثانية باللهجة المصريّة في مسيرتك. هل كنت تتوقّعين هذا النجاح؟ وهل هذا العمل نتيجة تفاعل المُستمع العربيّ مع الأغنية المصريّة الأولى "إعمل ناسيني"؟
"سجّان" عمل مُختلف، إنّه بالنسبة لي كقطعة الحلوى بين إصداراتي السابقة. لفتني الموضوع لفرادته والمُقاربة المُختلفة، وقد أعجبت بالكلمات وباللحن من اللحظة الأولى لسماعها. أمّا بالنسبة للكليب، فقد شكّل من خلال المُعالجة والقصّة إضافة مُميّزة ساهمت بنجاح العمل وقدّمتني بصورة فاجأت الجمهور. بإختصار، لقد أحببت هذه الأغنية وشعرت أنّني قدّمت جديداً من خلالها.
كلّ أغنية ناجحة يدعمها فيديو كليب ينجح في إيصال الفكرة كما ذكرتي. هل تشاركت مع المُخرج إيلي فهد في وضع الفكرة وتفاصيلها، أم أنّك تتركين له حريّة إبتكار تصوّره الخاص للعمل؟
أنا والمُخرج إيلي فهد على تواصل فكريّ وغالباً ما نتناقش حول موضوع الكليب لا سيّما أنّنا عملنا معاً سابقاً. وقد طرح عليّ قصّة كانت في باله طوّرناها معاً حتّى أثمرت في النهاية كليب "سجان" كما شاهدتموه. وقد تمنّيت أن يكون فيه مساحة تمثيليّة وهذا ما حصل. وقد شكّل حضور المُمثّل المصريّ كريم صبحي إضافة للعمل بخاصّة أنّنا إجتمعنا في مشاهد تمثيليّة ظريفة.
عُرفت عبير نعمة بالغناء بعدّة لغات وعدّة لهجات. هل أضافت اللهجة المصريّة رونقاً جديداً إلى أعمالك؟ أم كانت مُخاطرة بالنسبة لك؟
التنويع ليس مُخاطرة بل إنّه ضرورة في الأعمال الفنيّة، فمن خلال التنويع يستطيع الفنّان أن يجد نفسه ويكتشف قدراته. كما أرى أنّ خوض تجارب موسيقيّة مُختلفة هو ضرورة لمُحاكاة جمهور اكبر، وهذا لا يتعارض مع الخطّ الفنيّ الذي رسمته لنفسي. أضف إلى أنّ اللهجة المصريّة ليست بغريبة بالنسبة لي بخاصّة أنّني أغنّي منذ طفولتي أغنيات عمالقة الأغنية المصريّة.
لقد تمّ إختيارك لإفتتاح كأس آسيا، فماذا تقولين عن تجربتك في هذا الحدث العالميّ؟
كان لهذا الحدث هالة كبيرة، فقد إفتتحت الحفل على أرض الملعب أمام ثمانين ألف مُشاهد بالإضافة إلى ملايين المُشاهدين من حول العالم الذين تابعوا الحفل عبر شاشاتهم. لقد كان ذلك بمثابة الحلم بالنسبة لي. كنت فخورة بالمُشاركة بهذا الحدث العالميّ ومع فريق عمل رائع ومُحترف. وقد شكّلت هذه التجربة إضافة لي بالتأكيد على الصعيدين الإنسانيّ والفنيّ، لما يحمله هذا الحدث من أهميّة كبرى.
لقد وقفت وبجدارة على أهمّ المسارح العالميّة. أيّ مسرح هو الأحبّ إلى قلبك؟
كلّ المسارح لها مكانة خاصّة في قلبي لأنّ المسرح بالنسبة لي هو "الجمهور"، والتواصل مع الجمهور بشكل مُباشر هو أثمن ما يملك الفنّان... تربطني علاقة خاصّة بجمهوري أينما كان في العالم، ولذا، من الصعب عليّ إختيار مسرح واحد. ولكن قد يكون لمسرح بعلبك إمتياز عاطفيّ بالنسبة لي ونوستالجيا كبيرة تربطني به، كونه من أعرق وأقدم مسارح لبنان، والوقفة على هذا المسرح بالذات كان لها قيمة معنويّة كبيرة عندي بخاصّة أيضاً بحضور أهلي الحفل ولا أستطيع أن أنسى هذه الحظة، فقد شعرت حينها بسعادة لا توصف تحمل الكثير من الحنين والفخر بعراقة تاريخ بلادي.
رغم أنّ طلاقك كان قد مضى عليه أكثر من عامين، ظهر عليك التأثر وأنت تُغنّين مؤخراً... هل تعتبرين أنّ للجمهور الحقّ في الإطّلاع على حياة الفنّان الخاصّة أو أنّ ذلك ملكاً للفنّان وحده؟
الجمهور الذي يُتابعنا ويُحبّنا لديه فضول لمعرفة أخبارنا وتتبّع حياتنا الخاصّة وهذا أمر طبيعيّ، ولكن الفنّان هو من يُحدّد حجم الخصوصيّة التي يفرضها في إطار حياته الشخصيّة. ولكن عندما يتعلّق الأمر بقرار مُهمّ إتّخذه الفنّان، فمن حقّ الجمهور أن يطّلع عليه. ومؤخراً، وأثناء إحيائي لإحدى الحفلات، شعرت أنّني وسط أشخاص أحبّهم ويُحبّونني وكانت لحظة عفويّة تحمل إحساساً حقيقياً، فشاركتهم الخبر بتلقائيّة وقد تلقّى الجمهور مشاعري تلك بكلّ إحترام ودعم معنويّ ومُساندة. وفي الوقت نفسه، أشكر الإعلام العربيّ الذي تعامل بحبّ وإحترام مع كلّ ما أحاط هذه اللحظة وموضوع إنفصالي .
"علينا إستخدام طاقتنا الأنثويّة لنشر المحبّة والسلام"
يشهد العالم اليوم إبادة جماعيّة بحقّ الشعب الفلسطينيّ في غزة المُحتلّة، كما نشهد حروباً أخرى في بلدان مُختلفة من العالم. وبما أنّنا إحتفلنا مؤخراً باليوم العالميّ للمرأة، فما هو برأيك دور المرأة في ظلّ كلّ ما يجري؟
إنّ مسؤوليّة المرأة كبيرة جداً في صناعة التاريخ، لا سيّما في ظلّ هذه الحقبة السوداء من تاريخ البشريّة. علينا ألاّ نتردّد في إستخدام طاقتنا الأنثويّة لنشر الحبّ والسلام والمحبّة حولنا... فإنّ المحبّة معدية... ويجب على كلّ سيّدة أن تثق بقدراتها في إحداث فرق في أيّ مجال تعمل فيه.
"في داخلي طفلة لا أريدها أن تكبر"
ماذا تُخبرينا عن عبير الطفلة ؟ وعن عبير المرأة الحالمة والثائرة في آن؟
عبير الطفلة حالمة دائماً وما زالت تتفاجأ وتفرح بكلمة أو بفعل طيّب أو مُبادرة مهما كانت صغيرة ولكنّها قد تعني لها الكثير، تنتظر الأفضل وتنظر إلى الغد على أنّه سيحمل لها الهدايا والأعياد والحبّ والأشخاص الطيّبين والمفاجآت السارّة. فأنا في داخلي طفلة أطلب منها ألاّ تكبر أبداً، وأن تُحافظ على براءتها وعلى ضحكتها العفويّة وعلى الطيبة على الرغم من كلّ ما يحدث حولها. علينا دائماً أن نحتضن الطفل الموجود في داخلنا ونقول له أنّ الدنيا ما زالت بخير.
أمّا بالنسبة لعبير المرأة، فهي المُكافحة والثائرة والمؤمنة بحريّة الإنسان أينما وُجد، والمؤمنة بحريّة التعبير وبالموسيقى والجمال بمُختلف وجوهه... إنّها عبير التي لا تتردّد في رفع صوتها عالياً لإبداء رأيها، وهي التي تسير مرفوعة الرأس، فخورة بكلّ خطوة تقوم بها، وهي مُدركة تماماً أنّ لا شيء يُنجز بسهولة، بل علينا أن نتعب ونجتهد للوصول إلى ما نحلم به. عبير هي الإبنة والأخت والأم والصديقة.
ما هي أحلامك على الصعيد الشخصيّ وعلى الصعيد الفنيّ؟
أنا أستيقظ كلّ يوم على حلمٍ جديد. فعلى الصعيد الشخصيّ أحلامي تدور حول السعادة... كيف أكون سعيدة أنا وإبنتي وعائلتي، كما أطلب من الله أن يُعطينا الصحّة والسلام لبلدنا. أمّا على الصعيد الفنيّ فأحلامي كثيرة: ألاّ أخسر ثقة ومحبّة الناس الذين أُعجبوا بفنّي وبصوتي وأن أبقى مُتربّعة في قلوبهم، وأن أقدّم لهم أغانٍ تُعجبهم وأن أفاجئهم بأعمال تفوق توقعاتهم... وأن أغنّي في كلّ زاوية من أنحاء العالم. كما أحلم أن أقوم بإختبارات موسيقيّة جديدة لأغوص بشكل أعمق في هذا البحر الواسع وأتعرّف من خلال الموسيقى على الإنسان بشكل أعمق. وأخيراً، أتمنّى أن أكبر بهدوء وأن أقدّر كلّ لحظة ويكون لكلّ تفصيل في حياتي هدفٌ ومعنى.
أين أنت من المسرح الغنائيّ الذي يُعتبر شغفك وحبّك الكبير؟ وهل هناك عودة إليه؟
أنا أعشق المسرح الغنائيّ ولكن حالياً لا يوجد أيّ عمل قيد التحضير. ولكنّني بالطبع إذا ما وُجد عمل ضخم على مُستوى الموسيقى والإخراج المسرحيّ، فأنا أتمنّى المُشاركة فيه وإعادة التجربة.
اخبرينا عن مشاريعك المستقبلية...
أستعدّ حالياً لإحياء عدّة حفلات في بلدان عدّة مثل تونس والمغرب كما في ألمانيا والولايات المتحدة كذلك في الكويت ومصر وكندا وفي إسبانيا أيضاً. كما أعمل بالتعاون مع شركة "يونيفرسال ميوزيك مينا" على إصدار أغنيتين إحداهما باللهجة المصريّة أعتقد أنّها ستُشكّل حالة في مسيرتي الفنيّة، والثانية باللهجة اللبنانيّة وأعقد عليها أيضاً آمالاً كبيرة، وأتمنى أن تنال هاتان الأغنيتان إستحسان الجمهور.
"أريد أن أشارك جمهوري بلحظة أمل بغدٍ أفضل"
ماذا تقولين لجمهورك الذي يحبك كثيراً؟
أودّ أن أقول لهم أنّني أبادلهم الحبّ بحبّ أكبر، وأعتقد أنّهم يشعرون بصدق مشاعري تجاههم. كما أودّ أن أشكرهم من كلّ قلبي على المُتابعة والإحترام والتقدير الذي يصلني منهم. وأنا مُصرّة أن أقدّم لهم دائماً الأفضل وأن أكون إضافة جميلة في حياتهم من خلال صوتي ومن خلال الموسيقى التي أقدّمها، علّني أشاركهم بلحظة أمل وفرح وحلم بمُستقبل أفضل.