سالبي اندراوس

سيدة متميزة بجمالها واصرارها على النجاح في كل ما تقوم به.... أرادت ان تكون أما مثالية وزوجة مساندة لزوجها في السراء والضراء، فكان لها ما أرادت... وعندما قررت الدخول الى ميدان العمل ومساندة زوجها في بناء شركتهما التي غدت رائدة في مجال تصنيع المفروشات وادوات الديكور، أبت سالبي الا ان تضيف بصمتها الخاصة وان تكون سند محب لزوجها وشريكة نجاح... سيدة اجادت قواعد اللعبة القائمة على الموازنة بين مختلف ادوارها... فاستطاعت ان تكون ملهمة للكثيرات، ناجحة في عملها ورائدة في امومتها في الوقت نفسه...

تعالوا معنا نتعرّف الى سالبي اندراوس السيدة المتميزة التي لا تشبه اخرى...

اسم أرمني الاصل، وهو يعني "شجرة الصفصاف" التي تمتد جذورها عميقاً في الارض. والدتي كانت تقول لي اني اسم على مسمى، وان جذوري قوية جداً ومتمسكة بأرضها... فأنا لبنانية من اصل ارمني ومتعلقة بجذوري، وافتخر ان لدي أجمل جنسيتين في العالم.

تتكلمين العربية بطلاقة.

بقدر ما كان يقال عن الارمن بأنهم لا يجيدون اللغة العربية، تحديت نفسي، وأخذت اعمل على دراسة اللغة العربية، واثبت للجميع بأني لبنانية ارمنية وان هذا لم يمنعني من اجادة اللغة. فقد اعتدت مذ كنت صغيرة ان اتحدى نفسي وقدراتي لأحقق ما اهدف اليه.

أحب في الأرمن مدى تمسكهم بأرضهم وبلغتهم وثقافتهم، واخذت منهم ذلك كما اخذت من المجتمع اللبناني مدى انفتاحه على شعوب وثقافات اخرى، فهم يتبعون توجهات الموضة ويضيفون اليها لمساتهم الخاصة، كما يتبنون التطور الذي حققته مجتمعات اخرى ويعملون على تحسينها من خلال طموحهم وريادتهم في اكثر من مجال.

انا انسانة عفوية بامتياز ، وأحرص على قول الحقيقة بشكل دائم. كما املك طاقة كبيرة في العمل وفي الحياة اليومية، ويُصعب عليّ العمل مع اشخاص لا يملكون الطاقة نفسها، ولكنني تعلمت منهم التريث في اتخاذ القرارات الهامة لتكون صائبة. ومن جانب آخر، انا بطبعي ايجابية ومرحة واسعى الى نشر هذه الايجابية والفرح على المحيطين بي، واكون في قمة سعادتي اذا ما رأيتهم سعداء هم ايضاً. اعتدت على اخفاء مشاعري التي كنت اعتبرها علامة ضعف، ولكنني عملت على نفسي وتعلمت بمساعدة زوجي وأولادي، ان اعبر عن مشاعري على اختلافها، وأن ابدي آرائي بشكل اكثر ديبلوماسية وبسلاسة اكبر.

كانت طفولة جميلة جدا، ويا ليت اولادنا قد تأمنت لهم طفولة مماثلة، فإن الالعاب الالكترونية والانترنت وهواتفهم الذكية قد ابعدت الاولاد للاسف عن سحر الطبيعة وفوائدها... ولكننا نحرص، جورج وانا، على بث ثقافة الطبيعة في نفوس اولادنا، وإرساء نوع من التوازن بين اهمية الخروج الى الطبيعة وما تبقى من هواياتهم. لدي اختان جميلتان: تسولين وآني وانا الكبرى بينهما، واعتبر نفسي محظوظة بهما وبوجود والديّ الى جانبي في طفولتي والى جانب اولادي اليوم، فللجد والجدة اهمية كبرى في النمو العاطفي لدى الاولاد....درست المحاسبة ولكنني لم احب العمل في هذا المجال... وخلال فترة كورونا، كنت حامل بابني "جيو"، وأردت الاستفادة من الوقت الضائع فتسجلت في الجامعة وحزت على اجازة في الـ Administration & Marketing.

شكراً على هذه المجاملة. يشبّهني الكثيرون بأمي وابي على حد سواء. وبالطبع اعتبر نفسي محظوظة، فالجمال الخارجي والداخلي نعمة من الله، واشكر ربي على كل ما منحني إياه من نِعَم.

كنت اعمل كمتدربة في شركة مقابل المصنع الصغير الذي كان يملكه آنذاك. وكنت اراه وهو يصل الى مكان عمله في الصباح الباكر ويستمر في العمل هناك لساعات متأخرة. وفي يوم، سمعته وهو يتحدث بالارمنية، فاستغربت ان يكون ارمني واسمه جورج... وقلت في نفسي "إذا كان أرمنياً فسوف أتزوجه"... (واكملت ضاحكة): كنت معجبة به... وفي يوم، ألقيت عليه التحية باللغة الارمنية فرد عليّ باللغة نفسها.. واخذنا نمضي وقتا أطول مع بعضنا البعض لنتعارف جيداً، وأخبرني آنذاك ان والدته من جذور ارمنية. خطبنا لمدة سنة ونصف السنة لنتزوج بعدها، واخذ جورج يعمل بجد ونشاط لتطوير وتوسيع عمله الى ان تمكن من الوصول الى ما نحن عليه اليوم.

بالطبع كانت قصة حب كبيرة، ففي العمر المبكر الذي تزوجنا فيه، لم يكن هناك وجود لحكم العقل. احببنا بعضنا وعملنا سويا على تحقيق احلامنا، فكوّنا اسرة متكاتفة ومحبَّة، وعمل ناجح.

لقد اخذت عن والدتي تكرار نصائحها على مسامعنا، كنت اقول لها: "لماذا تكررين كلامك؟ لقد فهمت"، فترد عليّ قائلة: "سأستمر في تكرار كلامي الى ان ينطبع في ذهنك". وانا اليوم اكرر كلامي على مسمع اولادي كي يعلق في اذهانهم... وككل أم، كانت والدتي تملك حدساً قوياً ونظرة ثاقبة في حكمها على اصدقاء ومعارف اولادها... ولطالما حذرتنا من اشخاص لنكتشف فيما بعد انها كانت محقة في حكمها عليهم. وبدوري، حدسي يساعدني على تحذير اولادي من اصدقاء السوء، وانا اليوم اقول لأمي "معك حق ماما".

لا اشجع ابنتيّ بالتأكيد على الزواج في عمر صغير، فعلى الرغم من حسناته الا ان له ايضاً العديد من السيئات. فالزواج باكراً سيمنعهن من ان يحققن نجاحهن المهني في عمر مبكر، ما اضطرني الى الانتظار كي تكبر ابنتاي لألتفت للدراسة وبناء نجاحي المهني.. وانا دائما ما انصحهما بأن يعيشا عمرهما قبل الزواج ومسؤولياته الجمة. ولكن يبقى للزواج المبكر حسناته وهي انك تصبحين صديقة لاولادك، كما ستتمكني من ان تعيشي تفاصيل حياتهم معهم وبشكل اكبر عندما تكونين صغيرة في السن. كما ان الزواج المبكر سيمنحك، زوجك وانت، مجموعة من الذكريات واللحظات التي تشاركتما فيها النجاح والحب وحتى الفشل... فجورج وانا بنينا هذه الشركة معا وعشنا النجاح معا، وحتى عندما وقعنا، وقعنا معا وساندنا بعضنا البعض وعدنا ووقفنا من جديد وتابعنا معا مسيرة نجاحنا الأسري والمهني.

ليست مسألة الهام بل تكامل ومساندة في المسؤوليات، فقد رفعت عن كاهله مسؤولية تربية الاولاد والاهتمام بكافة تفاصيل حياتهم ومشاكلهم، ليتفرغ هو لتحقيق نجاحه في تأسيس شركة حجزت لنفسها مكانة مرموقة في سوق العمل. وعندما شعرت ان ابنتيّ لا يحتاجان لي طيلة الوقت، قررت مساندة جورج في عمله كما ساندته في تربية الاولاد بالشكل الذي نريده لاولادنا، لنؤسس معا لنجاحات مقبلة في عملنا. فأنا اؤمن ان المرأة شريكة لزوجها في نجاحه، فلا يستطيع اي رجل ان يحقق نجاحا ما لم يلقَ من زوجته الدعم والمساندة وتحمل مسؤولية الاولاد.

انهم اجمل ما اعطتني اياه الحياة، وبدلا من اكون انا مصدر قوتهم، هم في الحقيقة مصدر قوتي انا. لدينا 3 اولاد:

بيرلا، (17 سنة) وهي لؤلؤة في الحقيقة بكل ما للكلمة من معنى، فهي بحق "كنز نادر".

سيرينا، (15 سنة)، وهي ايضاً اسم على مسمى، فهي "فرحة البيت" وتمنحنا جميعنا الطاقة الايجابية بحضورها المحبب.

ومنذ سنتين ونصف السنة، أهدانا اللله ابننا الذي اسميناه جورج على اسم والده وهو "ملاكي ونقطة ضعفي".

انا ام عاطفية وحنونة الى ابعد الحدود ومحاربة في الوقت نفسه ضد كل من يحاول الاساءة اليهم. اعتبر نفسي صديقة مقربة لأولادي، وأواكبهم في مختلف تفاصيل حياتهم، ولأكون على معرفة بكل ما يواجهونه في حياتهم اليومية لأنصحهم واوجههم لاجنبهم خيبات الامل. دائما ما اسأل نفسي عن الاسلوب الذي كنت احب ان تعاملني به امي عندما كنت في سنهم، وأطبقه معهم. وقد اصبحت بخبراتي الحياتية اكثر انتقائية بأساليب التربية، فأخذت من اهلي طرق تربيتهم لنا التي اراها صحيحة ومفيدة، وتبنيت اخرى حديثة تعتمد الحوار والتفهم والصرامة في الوقت نفسه. اؤمن بأني امٌ جيدة، ودائما ما اتشاور معهم على كيفية تمتين علاقتنا.

على العكس، فأنا اليوم متأكدة اكثر من اي وقت مضى انني قد اتخذت القرار الصائب بأن ابقى الى جانب اولادي في مراحل اعمارهم الاولى. فعندما اراهم ناجحين في دراستهم وفي حياتهم ويتخذون القرارات الصحيحة في مختلف المشاكل التي تواجههم، اقول لنفسي "إنني اقوم بدوري كأم على اكمل وجه". كما ان فرحتي بنجاحهم اكبر بكثير من فرحتي بنجاحي انا. وفي بعض الاحيان اشعر بأنني مقصرة تجاههم ولكنهم دائما ما يؤكدون لي العكس.

بصراحة، لقد كانت عودتي بهدف مساندة زوجي في اعمالنا، تلبية لطلبه الذي اتى بطريقة غير مباشرة. وقد شعرت ان ابنتيّ بيرلا وسيرينا لم تعودا تحتاجان الى تواجدي معهما طيلة الوقت. ونتيجة لخبرتي الطويلة كأم، اصبحت قادرة على الموازنة بين دوري كأم لـ"جيو" وعملي في شركتنا، واعطاء كل دور حقه على اكمل وجه. ولذا عدت الى ميدان العمل وانا مطمئنة على اولادي. في البداية لم احب عملي كثيرا، (وتكمل ضاحكة)، لقد تطلب مني الامر وقتا طويلا لكي اتأقلم مع فكرة ان القرار في الشركة يعود الى زوجي في حين انني كنت الآمرة الناهية في مملكتي مع اولادي. اما اليوم وبعد ان اثبتُّ قدرتي وكفاءتي في ان اكون شريكة حقيقية في نجاح اعمالنا، اصبحت اصل الى المكتب بكل نشاط وحماس ومحبة لما اقوم به. في البداية، كنت ارفض القيام بعمل احد الموظفين او ملىء فراغ احدى المسؤوليات، اما اليوم ولأنني احببت عملي وشعرت بمسؤولية مضاعفة، اصبحت لا اتردد في النزول الى المصنع لمعاونة الحرفيين هناك. في النهاية، أنا هنا لأساهم في تأمين مستقبل لنا ولاولادنا.

هناك سيئة واحدة وهي انني لم اكن، في البداية، افصل بين المكتب والمنزل، فقد كنت اصطحب مشاكل العمل معي الى البيت، وما ان ندخل الى منزلنا كنت استمر في مناقشة امور العمل وان كان هناك خلاف بيني وبين جورج بخصوص اعمالنا، كنت آخذ هذا الخلاف معي الى البيت ولا اهدأ قبل ان اعبر عن وجهة نظري... اما زوجي جورج فينجح دوماً في الفصل بين دوريه كرب عمل وكأب وزوج ويرفض التحدث بأمور العمل في البيت، والعكس صحيح ايضا. ومع الوقت، تعلمت منه هذه المعادلة ووجدت انها مريحة وتعطي كل مكان حقه. ومن اجمل حسنات العمل سويا هو اننا نجتهد من اجل اولادنا ولنترك لهم اسم ومكانة ونجاح يعملون على استمراريتها، وبالطبع من اجل ان يكونوا فخورين بنا.

هدفنا المشترك، وهو الاستثمار في عائلتنا، وهو الاهم في نظرنا، فالاستثمار في العمل قد ينجح احيانا وقد يفشل في احيان اخرى، اما الاستثمار في الاولاد فهو تحدٍ مستمر، فنجاحهم يحفزنا على المزيد من النجاح المهني. الحب يتغير مفهومه بعد سنوات من الزواج، ولكي يستمر علينا ان نؤمن له المحبة والتفاهم، ففي الحب انانية وتملك وان نجحت في تحوليه الى تفاهم ومحبة، عندها يستمر الحب بمفهوم آخر وينجح الزواج. كما تعلمنا، جورج وانا، أن نعبر عما نشعر به بصوت عالي، وان نعمل على ايجاد الحلول معاً. فكل ما يزعجنا حتى وان كان تفصيلا بسيطا، علينا ان نتحاور به، وإذا ما اهملناه قد تحدث تراكمات تؤدي الى فشل العلاقة. اما اذا ما حاولنا تقريب وجهات النظر فعندها سنصل بزواجنا الى سدة النجاح.

عندما بدأت العمل مع جورج احببته اكثر، فقد اكتشفت جانبا رائعاً في شخصيته لم اكن اعرفه من قبل. فهو رجل اعمال ناجح وحكيم، استراتيجي يخطط لمشاريعه بكثير من الدقة وينشد الكمال في كل ما يقوم به، وما يقوله يجب ان ينفذ. اما في المنزل، فيتحول الى رجل آخر، ديمقراطي، محاور ومتفهم لمشاكلنا. اولاده نقطة ضعفه، حنون ومتسامح الى ابعد الحدود و"أكبر قلب في العالم" كأب وكزوج وكإبن ايضاً. GENTELMAN في مختلف ادواره وتفاصيل حياته. ولا اقول ذلك لاني زوجته، فهي امور يعرفها عن جورج كل مَن تعامل معه.

نحن نصنّع كل انواع المفروشات من الالف الى الياء. نعمل على بيوت ومشاريع كبرى. لدينا تصاميمنا الخاصة التي يبتكرها مهندسو ومصممو الديكور لدينا، كما نعمل مع مهندسين آخرين على تنفيذ مشاريعهم الخاصة. نصمم ونصنّع المفروشات باستخدام مختلف المواد من اجود الاخشاب والالومينيوم والنحاس ومشتقاته والرخام وغيرها، كما ونُعرف بالقطع التي ننفذها بورق الذهب، ونصممها لتكون unique وتحت الطلب لقصور ومنازل ومشاريع في لبنان والاردن والسعودية ومختلف الدول الخليجية والعربية.

نحرص على متابعة وتبني احدث الآلات وخطوط التصميم والتقنيات العالمية من خلال الحضور و المشاركة في اهم المعارض التي تقام في الدول الرائدة في هذا المجال. كما نتميز باحترام مواعيد التسليم، وبدقة (finishing) وجودة منتجاتنا ، فدائما ما يقول جورج انه فخور بجودة كل قطعة تخرج من مصانعنا من الداخل والخارج. والأهم اننا نتعاون مع أمهر الحرفيين وأكثرهم قدرة على الابتكار والتنفيذ، ونجاحنا مستمَد من نجاحهم.

اقول لها الا تخاف، فنحن كنساء عاملات قد نقصر في بعض واجباتنا تجاء الاولاد ولكننا قادرات على ان نعوضها في اليوم التالي، في الحياة "طلعات ونزلات" قد نفشل هنا وننجح هناك والعكس صحيح ايضا، ولكن بطبيعتنا نحن الامهات نولي اولادنا اولويتنا وان كان هناك تقصير غير مقصود تجاههم يوما ما، فأنت قادرة على اتمام واجباتك الاسرية في اليوم التالي وعلى اكمل وجه. فانطلقي لتحقيق احلامك ونجاحك المهني ولا تقلقي، فأنت قادرة على التوفيق بين دورك كأم وكإمرأة ناجحة في مهنتها. ولا تقولي لي ان حلمك الاكبر تربية الاولاد، فأنت كإمرأة تقومين بذلك بالفطرة، اما النجاح المهني فيمنحك سعادة لا توصف وهو اهم بكثير من المكسب المادي، ومن حقك ان تعيشي هذه السعادة. وما ان تحققي النجاح ستكونين ملهمة لاولادك، وبدورهم سيكونون فخورين بك.

نحن اللبنانيات نحب الاهتمام دوما باطلالتنا، وقد يكون مجتمعنا هو الذي يفرض علينا ذلك، ولكننا في جميع الاحوال نحب الجمال والاناقة. ولجهة الموضة، تعجبني القطع المتفردة بتصاميمها والكلاسيكية في الوقت نفسه، والتي تبقى على الموضة في كل زمان ومكان.

اذا ما كنت تحتاجينها ولكن بشكل طبيعي لا يسيء الى ملامحك.

على صعيد العمل، اطمح الى اطلاق خط انتاج باسمي، وان احوز على شهادة الدكتوراه في مجال الادارة والتسويق. اما على الصعيد الشخصي، فأطمح الى رؤية اولادي سعداء وناجحين في حياتهم، واطلب من الله ان اكون الى جانبهم في مختلف مراحل حياتهم.