مشاهير
أدريانا الحاج
"أستمد من الطبيعة ألوانها ومن الحياة نفحة "أمل"
غادة كلاس
30-April-2024
تعالوا معنا نتعرف الى سيدة متميزة بفكرها والى فنانة تتنشق الفن بأجمل عطوره...
رسامة مبدعة وصاحبة اكثر من 2500 تحفة فنية من جداريات ولوحات ومنسوجات وهندسة داخلية وغيرها، من هي ادريانا الحاج الانسانة التي تقف وراء كل هذا الابداع؟
أشكرك على هذا الاطراء، ولكن من الصعب جداً ان يتكلم المرء عن نفسه. انا فنانة ولدت بروح امرأة، وهي نعمة من الله وهبني إياها بأن أستطيع ان أعبر عن مشاعري لكل الناس من خلال ريشتي، ومن دون ان أنطق بكلمة واحدة، يستطيعون قراءة ما في داخلي من خلال لوحاتي.
كيف بدأت رحلتك في عالم الفن؟
من عمر صغير جداً اكتشفت حبي للرسم، وبينما كانت المعلمة تشرح في الصف، كنت أرسم على طاولتي... اعتبر نفسي محظوظة بأني ولدت في عائلة فنية، فقد كان جدي "ابو تامر" الممثل والنحات المعروف، وقد شجعني والداي كثيرا على الرسم وتنمية موهبتي هذه. وكما يُقال، لقد كانت الأرضية جاهزة لتطوير هذا الشغف الذي يعتمل في داخلي. ومذ كنت صغيرة، بدأت بتعلم الرسم وتتلمذت لدى الفنان التشكيلي اللبناني العالمي حيدر حموي رحمه الله ، كما درست الهندسة الداخلية لأنني أعتبر ان هذين المجالين يكملان بعضهما البعض. وأخذت أشارك في معارض عديدة في دول عربية وأوروبية وحزت على جوائز تقديرية عدة في تلك المعارض التي كنت فيها أمثل وطني لبنان بأسلوبي الخاص في الرسم.
ما الذي جذبك الى هذا العالم العابق بالألوان والأفكار، وهل كان الرسم بالنسبة لك أداة للتعبير عن مكنوناتك؟
بطبيعتي، لا أجيد التعبير عن نفسي بالكلام، واخترت هذا المجال لأنني احببته، وشعرت اني من خلاله أستطيع التعبير عن مكنوناتي، من مشاعر وأحاسيس وأفكار... الرسم يريحني وينقلني الى عالم آخر، ولذا عملت على تطوير موهبتي هذه والتعمق في هذا المجال أكثر فأكثر.
أدخل بكل جوارحي الى اللوحة واعيش تفاصيلها فتنقلني الى مكان اجمل
أبدعت في فن الرسم التجريدي ونسج الخلفيات وفي رسم المناظر الطبيعية والجداريات ايضاً، في اي مكان تجدين نفسك اكثر؟ وما هو الاسلوب الفني الاقرب اليك؟
كل أسلوب وله جماله ومميزاته ومكانته في قلبي. فمن خلال الرسم التجريدي، أخط بالألوان مشاعري وأفكاري من دون ان يكون هناك اي إطار او قوانين قد تحدني. وإن كنت أمر بحالة عصيبة، فإن الرسم التجريدي يريحني ويجعلني أعكس بالألوان الجريئة القوية او العكس، الحالة التي أعيشها. اما رسم الطبيعة ولا سيما مياه البحار والأنهر، اي الأماكن التي أعشق الجلوس امامها،فيأخذني الى عالم آخر عابق بالجمال والطمأنينة حيث أريد ان أكون. في حين ان رسم الجداريات هو من أكثر الاساليب الفنية التي تمنحني سعادة لا توصف، لا سيما عندما تكون أمامي مساحة كبيرة تطلق العنان لمخيلتي ولا تحدها بأي شكل من الاشكال. صحيح ان الوقوف لمدة الطويلة لرسمها صعب وقد يكون خطرا في بعض الاحيان مع المرتفعات، ولكنه تحدي أحبه وتتفجّر فيه طاقاتي واحاسيسي. ولذلك كل اسلوب في الرسم يتمتع بجمال خاص وبقدرة على منحي الراحة والسعادة.
ما الذي جذبك الى عالم الجداريات؟ وهل تعتبرينها مساحة اكبر للتعبير عن قدراتك الفنية؟
صحيح، فما جذبني اليها هي المساحة الكبيرة المتوفرة والتي تمنحني القدرة على التعبير عن قدراتي ومكنوناتي بشكل اكبر واكثر تشعباً. حين ارسم الجداريات، تنسج يدي الخطوط والالوان من دون ان تحدها مساحة او اي شيء آخر.
بعض الفنانين يعتبرون ان الجداريات سيف ذو حدين، فما رأيك بذلك؟
نعم ولكنها تحمل في طياتها الكثير من الجمال والابداع.. فإن كانت الجدارية عبارة عن TROMPE L’ŒIL فالناظر اليها يشعر ان باستطاعته ان يدخل الى اللوحة ويتنزه في أرجائها، وإن كان المنزل صغيرا وضيقا فهي تمنحنا احساس بأنه اكثر اتساعا، اما ان كان البيت لا يتمتع باطلالة على الطبيعة فمع الجدارية سيشعرون انهم قابعون وسط الطبيعة.
كيف تصفين اسلوب ادريانا الحاج، وما الذي يميز لوحاتك وجعلك تحققين نجاحاً باهراً في هذا المجال؟
ما يميز لوحاتي هو الايجابية التي أحرص على ان تنطق لوحاتي بها وان تريح الناظر اليها، وحتى لو كنت حزينة حين كنت أرسمها لا بد وان أضيف اليها نفحة "امل"... قد يكون ذلك ربما لأنني تعمقت في دراسة "الريكي" اي العلاج بالطاقة والـ ART THERAPY، ولذا أحاول قدر الامكان ان تمنح لوحاتي السعادة للمحدقين بها.
ماذا تقصدين بالـ ART THERAPY
من خلال الالوان، استطيع ان أعالج الاشخاص الذين يمرون بتجارب صعبة، وان يخرجوا من حالتهم الى الضوء بواسطة الالوان المريحة التي تعكس مشاعرهم.
هل تملك لوحاتك حكايا او افكار تريدين التعبير عنها ام انها تنقل صوراً من الحياة؟
كل لوحة من لوحاتي تعبر عن قصة ومشاعر مختلفة لا سيما وان الفنان، كأي انسان، يمر بمراحل مختلفة من مشاعر الحزن والفرح، الأمل واليأس والخذلان والوجع والسعادة وغيرها، ومن الطبيعي ان تعكس لوحاته المرحلة التي يمر بها، ولذا أمنح لكل لوحة اسما خاصاً لها.
اطلقت على عدد من لوحاتك التجريدية اسم " اعادة احياء الروح"، كيف تجددين روحك من خلال الرسم؟
صحيح، فلو لم نحاول في كل مرة نقع فيها ان نقف مجددا ولو لم نولد في كل مرة من جديد بأفكار جديدة وشخصية أقوى، لما كنا استطعنا ان نكمل طريقنا في هذه الحياة. وبغض النظر عما نمر به، لا يجب ان نفقد الامل وان نستمر في المحاولة... فكل يوم، تشرق عليّ شمس جديدة ولوحات جديدة بروح مختلفة.
ماذا تعني لك الالوان؟
الالوان هي مجموعة مشاعر، فالاحمر عندما أضعه في لوحاتي فهو يعكس حالة الغضب او القوة التي أعيشها، اما الأزرق فيعكس السلام والهدوء... كل لون يحمل في طياته مشاعر مختلفة، فالالوان هي الحياة بحد ذاتها.
يبدو من خلال لوحاتك ان الازرق هو لونك المفضل.
تشبهني الالوان الباردة اكثر، فهي تحاكي شخصيتي بهدوئها الذي أعشقه، فأنا هادئة بطبعي ولذا تجدين الالوان الباردة في لوحاتي أكثر من الساخنة منها.
لاحظنا ان الطبيعة حاضرة في مختلف اعمالك التجريدية منها والواقعية؟ ما هي علاقتك بالطبيعة؟ وهل تؤمنين بأن الطبيعة تحاكي بأدواتها مشاعرنا الانسانية، افراحنا واحزاننا؟
الطبيعة بالنسبة لي هي المكان الذي يشحنني بالطاقة، ويدفعني نحو العطاء أكثر فأكثر.. أعشق الطبيعة والتأمل في أحضانها، واستمد من ألوانها ألواني. وهي تشبه الانسان فهو مثلها يستطيع ان يولد من جديد من خلال اوراق الشجر وكيف تتبدل الوانها الى ان تتساقط ارضاً...
لديك اكثر من 2500 لوحة، الا تخافين من ان تتكرر خطوطك بشكل لا ارادي؟
لا، فما من لوحة تشبه أخرى.. حتى عندما طُلب مني ان ارسم لوحة ثانية تشبه احدى لوحاتي، لم استطع ذلك، فإن المشاعر تتبدل وتتغير، وإن تقصَّد الفنان ان يتقمس المشاعر التي كان يعيشها عندما كان يرسم اللوحة الأولى فلن يستطيع ان يكرر انجاز لوحة مشابهة. فالمشاعر تتغير كما قلت واللوحات لا يمكنها ان تتكرر بالروحية نفسها.
تزين لوحاتك باقة من الفنادق والاماكن العامة؟
صحيح، عملت على فنادق عدة بينها فندق CASTLE MARRE في المنصف شمال لبنان، وقد تحول الى معرض يضم اكثر من ثمانين لوحة لي جميعها تجريدي. كانت تجربة رائعة للغاية، واستمتع في كل مرة أزور فيها هذا الفندق عندما ارى لوحاتي التي تحمل كل واحدة منها قصة مختلفة.
اخبرينا عن تجربتك في عالم المنسوجات والازياء مع المصمم العالمي نجا سعادة؟
برأيي ان الفنان قادر على ان يرسم على كل المساحات والمواد. وبالفعل كانت لي تجربة رائعة مع المصمم الفنان والصديق العزيز نجا سعادة. نجا وانا بدأت قصتنا عندما بدأت أرسم على المنسوجات التي يستخدمها في ابداع تصاميمه.
رسمت وجه بيروت على زيّ ارتدته رابعة الزيات خلال حملة لجمع التبرعات من اجل بيروت
لقد كانت تجربة انسانية فنية رائعة، فبعد انفجار مرفأ بيروت، كانت فكرة لنجا واختي اليان الحاج التي ساندتني ولا زالت في مختلف مراحل حياتي، ان نعمل على تصميم فستان يعود ريعه للمتضررين من انفجار المرفأ. بصراحة لقد كنت اشعر حينها بحزن شديد على ما جرى واردت ان اساعد المتضررين قدر الامكان، فقمنا بتنفيذ فستان رسمت عليه وجه بيروت على شكل امرأة محاطة بمباني المدينة وبطيور تحلق في السماء تجسّد أرواح الشهداء... وقد تم بيع الفستان بـ 80 الف دولار من خلال برنامج على قناة الجديد بعد أن أرتدته الاعلامية رابعة الزيات، وبهذا المبلغ، قمنا بترميم 40 منزلا تضررت في الانفجار وذلك من خلال جمعية "كلنا لبعض" التي تترأسها الاعلامية ماغي عون.
اي لوحة هي الاقرب اليك ولا تقوين على بيعها او التخلي عنها؟
اكثر لوحة قريبة الى قلبي أسميتها Heaven وهي لوحة مليئة بالألوان تأخذك الى عالم آخر
اذا اردت ان ترسمي الامومة بأي لون تجسدينها؟
سؤال رائع. برأيي، الأمومة تُرسم بكل الالوان، لأن عطاءها بألوان الحياة، لا حدود له. فهي المعطاءة، الحنونة، والقوية... الام المعلمة ايضاً، السند والكرم... وكل ميزة يعبر عنها لون معين، ولذا فإن الام هي كل الالوان.
يقال ان "الابداع يولد من رحم الاحزان"، هل ينطبق ذلك على ادريانا؟
ليس كثيراً، فأنا بطبعي عندما اكون في حالة نفسية سيئة أبتعد عن الرسم. وألجأ الى الرسم لأخرج نفسي من حالة الحزن التي أعيشها ولأنسى كل ما يحيط بي، فأدخل بكل جوارحي الى اللوحة واعيش تفاصيلها، فتنقلني بدورها الى مكان اجمل، أستطيع ان ارى فيه الأمور بشكل اكثر صفاءً.
ولتكن عودتكن الى الحياة بعد الصراع مصحوبة بأهداف أكبر
المرض اشبه بعلامة بأن الوقت قد حان لنتغير
تعتبرين سيدة ملهمة استطاعت ان تحارب السرطان لتقف مجددا وتجابه وتنجح لتصبح سيدة متميزة ومبدعة في كل ما تقوم به. ما هي رسالتك للسيدات اللواتي يعشن تجربة مماثلة؟
الى كل سيدة تعيش الوجع الذي عرفته، اقول انها ليست نهاية العالم. لا تستسلموا ولا تدعوا المرض او الوجع ان يهزمكن. لتكن قوتكن اكبر من الوجع والآلام المبرحة التي تواجهونها... ولتكن عودتكن الى الحياة بعد الصراع مع المرض مصحوبة بأهداف أكبر... تأكدن ان هذا المرض لم يأتيكن من دون سبب او هدف، قد لا تعرفونه اليوم ولكنكن ستكتشفنه مع الايام وسنعرف يوما ما لماذا مررنا بتلك التجربة. انها اشبه بعلامة بأن الوقت قد حان لنتغير... لأن نهتم بأنفسنا اكثر، لأن نحبها اكثر... لأن نشحن انفسنا بالحب لنتمكن من منحه الى المحيطين بنا. اتمنى لكل من يمر بهذه التجربة ان تكون سريعة وان تكون حياته المقبلة افضل من تلك التي خلت.
ماذا علمتك تجربة المرض؟
تجربتي مع مرض السرطان جعلتني أولد من جديد... انسانة جديدة بعد الألم المبرح الذي عشته... علمتني ان احب نفسي اكثر وان اقول "كفى" لأي أذية قد توجه إلي... علمتني ان اكون سعيدة لأسعد اولادي واحبائي... علمتني ان "الحياة ما بتحرز" وان الصحة هي الاهم والباقي فاني.
كيف ساعدك الفن في بلسمة جراحك؟
مشغلي بالنسبة لي هو بلسم لجراحي والمكان الذي يمنحني الفرح. فإن اكثر الاوقات التي تسعدني هي حين اكون امام لوحتي وانا استمع الى موسيقى هادئة تدفعني الى اخراج مكنوناتي ونسجها على لوحة بواسطة الالوان.
شاركت في عدة حملات للتبرع لصالح مراكز سرطان الاطفال، ما اكثر ما يحتاجه اولئك الاطفال برأيك؟
صحيح، اكثر ما يحتاجه هؤلاء الاطفال هو ان يشعروا انهم ليسوا وحيدين واننا الى جانبهم ومستعدين لمدهم بالقوة والدعم التي يحتاجونها لتخطي هذه التجربة الاليمة.
صفي لنا الامور التالية بكلمة واحدة؟
الفن: الابداع
المرض: الولادة من جديد
الاولاد: "كل الدني"
الالوان: الحياة
الرسم: الخلق
الصداقة: الوفا
الحب: الفرح
شقيقتك الاعلامية والمستشارة اليان الحاج: مهما قلت او مهما فعلت، فلن استطيع ان اشكرها بما فيه الكفاية أو ان اوفيها حقها تجاه كل ما فعلته من اجلي. أتمنى لها الصحة وان تحقق كل ما تصبو اليه.