لايف ستايل
هل ديتوكس الدوبامين يساعد في تحسين التركيز؟
زوي تيسون - مدام فيغارو
7-November-2024
يطلق على الدوبامين هرمون السعادة. منذ بضع سنوات، أصبحت كلمة دوبامين شائعة، والهاشتاغ باسمها يجمع أكثر من 500 ألف منشور على تيك توك. البعض يسعى لتحفيز إنتاجها في الدماغ ليشعر بالسعادة، لكن مؤخراً ظهرت فكرة جديدة تعتمد على الامتناع عنها لتحقيق تركيز أعلى. هذا المفهوم الذي يعرف بديتوكس الدوبامين Dopamine Detox أطلقه عالم النفس Cameron Sepah عام 2019، حيث يعتقد أن الامتناع عن المحفزات والتسلية يحسّن الكفاءة. وقد انتشرت الفيديوهات على يوتيوب التي تشرح كيفية استعادة السيطرة على الحياة وإعادة ضبط الدماغ، وتشير إلى أهمية الامتناع عن كل ما يحفّز إفراز الدوبامين لبضع ساعات أو حتى لأيام. ولكن، هل لهذه الفكرة أساس علمي وهل هي مفيدة؟
يرى العالم Lionel Dahan، الباحث والمحاضر في علم الأعصاب في جامعة تولوز، أن الفكرة تمثل اتجاهاً عصرياً يسعى لتغليف مفهوم بسيط بإطار علمي ليبدو أكثر مصداقية. يقول: "من الواضح أنهم لم يخترعوا شيئاً جديداً، فهم يدعون إلى زيادة الإنتاجية من خلال تجنب المشتتات، وهذا مشابه لنصيحة نوجهها لطلاب المدارس: ضع هاتفك جانباً وركز على دراستك". بالنسبة له، هذه مجرد "ضجة إضافية" وفرصة دعائية لمحبي هذا الاتجاه.
من جهة أخرى، نتعرض يومياً للضغوط الحياتية والمجتمعية والاقتصادية والعاطفية التي تولّد الإرهاق والتوتر والاكتئاب. وللتغلب عليها ولكي نبعد هذه المشاعر السلبية من حياتنا، إليك نصائح للحفاظ على الصحة النفسية.
ثغرات علميّة
بعيداً عن الطابع التسويقي، يتسم هذا المفهوم بنقص في الدقة العلمية. "الدوبامين ليس هرموناً، بل هو ناقل عصبي يمكّن خلايا الدماغ من التواصل مع بعضها"، كما يوضح Lionel Dahan. ويضيف أن الدوبامين يمكن أن يرتبط بالسعادة، ولكنه أيضاً ينشط في أوقات التوتر الشديد أو عند تلقي عقوبة. فضلاً عن أن نظام الدوبامين يختلف من شخص إلى آخر، كما تشير Armelle Rancillac، الباحثة في علم الأعصاب في معهد البحوث الطبية الفرنسية Inserm وCollège de France: "هناك اختلافات كبيرة بين الناس، حيث يفرز الدوبامين بطرق متفاوتة اعتماداً على ما يؤثر فينا".
يتم تقديم ديتوكس الدوبامين كحل سحري، إلا أن الامتناع عن المحفزات الحسية قد ينطوي على مخاطر. تقول Armelle Rancillac: "إن الامتناع يسبب نقصاً قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية، بل وحتى عقلية، مثل الاكتئاب". يجب عدم التهاون في التعامل مع هذا الناقل العصبي، فقلة إفرازه أو عدم إفرازه أبداً قد يكون مؤشراً على مرض، "كما هي الحال لدى مرضى باركنسون، حيث تتدهور الخلايا العصبية المسؤولة عن إفراز الدوبامين"، بحسب العالم Lionel Dahan.
تحسين التركيز بطرق صحيّة
بدلاً من الامتناع عن كل أشكال المتعة، يمكننا اللجوء إلى أساليب أخرى لتعزيز التركيز والإنتاجية. ولتحقيق ذلك، ينبغي أولاً فهم مفهوم الانتباه ذاته. يشرح Lionel Dahan: "في الدماغ، هناك شبكتان عصبيتان مختلفتان، إحداهما تتفاعل مع المؤثرات الخارجية، والأخرى تستجيب لهدف داخلي أو شخصي. هاتان الشبكتان في تنافس دائم: عندما تتولى إحداهما زمام الأمور، تتوقف الأخرى عن العمل". على سبيل المثال، إشعارات الهاتف هي محفزات خارجية، وبإيقافها، يصبح بإمكان الأهداف الداخلية - مثل إتمام قراءة فصل من كتاب أو كتابة إيميل مهم - أن تستعيد الأسبقية.
أخيراً، من الضروري التذكير بأننا لن نكون قادرين على التركيز بشكل أفضل إلا عندما نكون مرتاحين وهادئين. تقول الباحثة في علم الأعصاب Armelle Rancillac: "ينبغي تخصيص وقت خاص لنا وإضفاء معنى على ما نقوم به". ليس من الضروري الانعزال لاستعادة الدافع. القراءة، التأمل، اليوغا، الأفلام... على كل شخص اكتشاف الطريقة الأنسب له لتجديد نشاط ذهنه.