مشاهير
عبير نعمة : ألبوم "بصراحة" قصص خاصّة محبوكة بالكثير من الحبّ
جاد عبود
13-December-2022
هي ليست مجرد فنانة تمتلك صوتاً يخولها الغناء، بل غارقة بالفن والموسيقى وأبحاثها وجذورها من رأسها حتى أخمص قدميها.
وقفت على أعرق المسارح وقدمت أجمل العروض الفنية، فكانت من النخبة وصورة مشّرفة للفن اللبناني وجسر تواصل بين الشرق والغرب. هي التي تحترف الغناء بأكثر من 20 لغة وصاحبة لقب سفيرة الحوار الثقافي والموسيقي.
هي عبير نعمة، ابنة العائلة المتأصلة في الموسيقى التي تميزت باختياراتها للأعمال التي تترك أثرها في الروح، والتي أطلقت مؤخراً ألبومها الجديد الذي حمل اسم "بصراحة".
ماذا ستقول عن علاقتها بالموسيقى وعن جديدها ونظرتها إلى الساحة الفنية اليوم وغيرها من الأمور في هذا اللقاء.
مبروك ألبوم "بصراحة" اخبرينا عن الأصداء وعن الذي يميز عمل عبير نعمة عن غيره من الأعمال؟
كل ألبوم أقدمه يترك أثره الكبير عليّ، وألبوم "بصراحة" الجديد حملت كل أغنية فيه قصة خاصة وتضمن أنماطاً موسيقية منوعة ومختلفة. تضمن للمرة الأولى أغنية باللهجة المصرية وأغنيتين من نوع الـ pop وأغنية حب ميلادية، وتعاونت فيه في اغنية "صوت" مع ملحن أحبه كثيراً هو تاموريز بورنازيري.
هل لا يزال يعتبر الألبوم خياراً صائباً وسط الفوضى التي نعيشها على الساحة على جميع الصعد موسيقياً اقتصادياً حقوقياً، ووسط توجه كثر من الفنانين إلى اعتماد سياسة الأغنيات المنفردة؟
لا شك في أننا نعيش فوضى عارمة على جميع الصعد، ليس فقط في بلادنا، وهذا بالتأكيد يرتد بسلبياته على الجو الفني العام. صحيح أن الأغنيات التي تصدر بشكل منفرد تحظى بالضوء وباهتمام اعلامي كبير، بينما يهدر حق عدد كبير من أغنيات الألبوم التي لا تصل إلى الناس، علماً أنها تكون رائعة ومميزة. لذا لا مانع عندي في تقديم الأغنيات المنفردة فيما بعد، لكن الاهم بالنسبة لي يبقى في نوعية الاعمال والانتاجات التي تقدم، اذ عند اختياري لأغنيات ألبومي أبذل الجهد نفسه في كل أغنية واتعامل مع كل منها على انها Hit واعطيها نفس الاهتمام والتركيز.
عبير التي تعتبر فنانة النخبة كيف تصف ما يقدم على الساحة الفنية اليوم؟
من البديهي ان نواكب العصر ونكون أقرب إلى أمزجة الناس، بعيداً عن التمسك بحرفية القاموس والتعقيدات، اذ يمكننا بكثير من البساطة أن نصل القلوب، مع حفاظنا على الأصالة والرقي في الأعمال.
ولا شك أبداً في أن العمل الراقي يفرض نفسه ويبقى مكانه محفوظ دائماً، كما يُحفظ مكان القباحة في هذا الكون، لكن من غير المسموح لنا تحت ضغط هذه القباحة أن نتراجع في مستوى الاعمال بل أن نقدم الأفضل إن كنا نريد أن نكون جزء من التغيير وليس السير مع القطيع.
أتخافين على الثقافة الموسيقية العربية من هذا الانحدار، وهل أصبت في مرحلة ما بخيبة أمل واحباط؟
لم اصب بالاحباط، انما ضاعفت جهودي وبات علي بذل طاقة أكبر، الاحباط أصابني من أمور كثيرة أخرى نعيشها في لبنان والعالم من حروب وجوع ومعاناة وأزمات.
هذا الانحدار كان يؤثر بي كثيراً في السابق، لكنني تصالحت وتأقلمت مع الموضوع، لأن الحياة تحوي الجميل والقبيح، وهذا التنوع والاختلاف في الجودة موجود في الساحة الفنية أيضاً، لكن لكل منا مكانته فيها وفي قلوب الناس، ولا يمكن لاحد أن يأخذ من درب احد أي شيء.
أين تصنف عبير نعمة نفسها اليوم، وكم تجد صعوبة أو سهولة في السير بين النقاط للاستمرار من دون أن تتلوث بوحول ما يحدث فنياً؟
الموسيقى بالنسبة لي هي الحياة وهي لغتي التي من خلالها استطيع التعبير عن نفسي وعن شريحة كبيرة من الناس التي تحب وتُعنى بالفن الذي أقدمه. وفي خضم هذا التلوث الذي نعيشه، من الصعب جداً على أي فنان حقيقي التمسك بكل ما يؤمن به على الصعيد الفني، لذا أجد نفسي في جهد دائم لتحدي كل الظروف والصعوبات الموجودة، وهذا ما يحفّزني ويمنعني من التراجع طالما أردنا أن نتميز وأن نبقى على قدر تطلعات الناس التي تنتظرنا، وهذا يضاعف المسؤولية علينا.
كنت من أولائل الفنانين الذين انضموا إلى شركة يونيفرسال ميوزيك مينا، بماذا تصفين هذه السنوات من التعاون، وهل تعتبريها الملجأ والدعم والامان لانها لا تزال تترك مساحة للفن الجيد؟
اعتبر "يونيفرسال ميوزيك مينا" بيتي، وإليها انتمي بكثير من الحب والفخر، وطوال هذه السنوات لم اشعر معها إلا بالآمان والمحبة والتقدير. وكوني كنت أول من انضم اليها فهذا أمر شرفني وأسعدني لأننا بحاجة لمثل هكذا شركات عالمية كي نوصل الصوت على الرغم من العقبات والصعوبة الانتاجية وطفرة مواقع التواصل الاجتماعي.
الألبوم حمل أول أغنية لك باللهجة المصرية من خلال اغنية "اعمل ناسيني" بالتعاون مع امير طعيمة وايهاب عبد الواحد التي جاءت بنمط موسيقى الـ pop، كيف تقيمين هذه التجربة وهل ستكررينها؟
كان لا بد لي من تقديم أغنية خاصة باللهجة المصرية التي أردد اغنياتها الكلاسيكية والطربية منذ صغري... هذا التعاون مع امير وايهاب أسعدني جداً وأومن أنه تعاون صائب لأن العمل وصل بسرعة إلى الناس في لبنان وفي الدول العربية. كما أن أمير اسم كبير في الأغنية المصرية وصاحب لون موسيقي مميز، وبالتاكيد سنكرر هذا التعاون.
"في خضم ما نعيشه أتحدى كلّ الظروف والصعوبات وهذا ما يمنعني من التراجع"
البعض لاحظ التشابه بين اغنية "بلا ما نحس" التي صدرت في شهر شباط الماضي، وبين اغنية بالأحلام" التي أطلقها ناصيف زيتون منذ فترة قريبة، الأغنيتين من كلمات وألحان نبيل خوري وسليمان دميان؟ ما تعليقك؟
من الطبيعي أن تشعرالناس ببعض التشابه بين الأغنيات التي تُقدم من نفس الملحن، اذ لكل واحد نكهة خاصة تميزه وتشكل ارتباطاً بكل أعماله مهما كان مبتكراً في اللحن ومنوعاً في الانماط الموسيقة، وهذا لا يعتبر ضعفاً بل موجود في الموسيقي العالمية وفي موسيقانا العربية. فعندما نستمع إلى أي أغنية أو لحن لفنان أو موسيقي كبير نشعر بانها تنتمي إليه وتشبه نمطه. لذا من الطبيعي أن تشعر الناس بالشبه بين "بلا ما نحس " وبين "بالاحلام" و"بصراحة" لأن مصدرها ملحن واحد. وهنا لا بد من القول أن الأغنية المصرية "اعمل ناسيني" تعاونت فيها على صعيد التوزيع مع سليمان دميان، كما أن نبيل فنان كبير جداً وله مستقبل واعد وبالتاكيد ستجمعنا أعمال لاحقة أخرى.
تعاونت أيضاً مع كبار الفنانين اللبنانيين أمثال الراحل الياس الرحباني والقدير مارسيل خليفة والمميزين أسامة الرحباني ومروان خوري وغيرهم، عينك على من في الأعمال المقبلة؟
هذه الاسماء الكبيرة تشرفني كثيراً وتضيف إلى مسيرتي الفنية، لكن هدفي قبل البحث عن الأسم، يكون البحث عن العمل المميز. ولا بد من الاشادة أيضاً بالمواهب الجديدة التي اتعاون معها اليوم والتي ستصبح أسماءً كبيرة في المستقبل.
رأي من يعتبر اساسي وتأثيره كبير عليك ليكون الفصل في اختياراتك لاغنياتك؟
أراء عدة أمتزجها من عائلتي واصدقائي وموسيقيين، ومن الشركة المنتجة بالطبع، لكن القرار النهائي يكون لاحساسي وانطباعي الخاص... إن أحب الجميع الأغنية وانا لم اشعر بها لا يمكن لي ان أسجلها، لكن ان شعرت ان الجميع لم يقبلها ولم تعني له فهذا يترك اثره بي بالطبع وآخذه بعين الاعتبار.
ماذا تغير الموسيقى في حياة الانسان الذي يغرق بها وبابحاثها وعالمها كما تفعلين أنت؟
بالنسبة لي الموسيقى هي الهواء الذي اتنفسه واللغة التي احكيها واعبر عنها، من خلالها نقدم رسائل امل ومحبة وحب.هي حالة سلام وتعبير عن الانسان بكل اختلافاته، وهي اللغة التي تجمعنا بكل انسان في الكون. هي الملجا الذي اهرب إليه من كل ما هو قبيح ومؤذي، والحلم الوحيد المتبقي الذي يمكنني التمسك بخيوطه والعيش في عالم غير ملموس ومحسوس.. الموسيقى هي الأعلى والأرقى وتغير الكثير في حياة الانسان وبشكل يومي ومستمر.
أين أنت من حلمك اليوم؟
كل يوم أعيش حلماً جديداً وبداية جديدة وفي اليوم الذي نشعر فيه أننا وصلنا إلى الحلم وقدمنا أفضل ما لدينا نبدأ عندها بالتراجع. لذا أشعر دائماً أنني في بداياتي لانني نقطة في بحرها الواسع وفي محاولة دائمة للبحث عما هو أجمل.
لو لم تكوني عبير نعمة الفنانة، أي شخصية كنت لتكونيها؟
لا يمكن أن أتخيل نفسي بعيدة عن الغناء والموسيقى لأنها حلمي وخياري وقراري منذ صغري.